لا تدع تحديات الحياة تسرق منك أحلامك
بقلم: مدحت بركات
بداية كل بدء.. بسم الله الرحمن الرحيم.. بسم الله الذي بيده كل شيء.. وفاعل لكل شيء، فلا فاعل إلا الله.. بقضائه وقدره، الحمد لله رب العالمين، وقدر الله وما شاء فعل.. شاء تعالى أن تكون هذه أولى الكلمات التى أخرج بها بعد أزمة يعرفها من يعرفني. وقررت ألا أخوض في الماضي، ولكن لن أنساه، فالنظر إلى الماضي ليس لتذكر الآلام وحمل الأحقاد، فهذا يحد من القوة والجهد، لكن النظر إلى الماضي مبتغاه هنا التعلم من التجربة ودراسة الأخطاء التي أعاقتنا، فنحللها ونستخرج منها الدروس والعبر، ولنقطع العهود على أنفسنا بعدم تكرارها.
دون مقدمات أو تبريرات فإنني أتحمل مسئولية ما حدث لي، فقد قاومت “نارًا” ولم أكن أفهم خصائصها، وحاربت عدوًّا ظننته شريفًا حتى ثبت العكس. وأتوجه إلى الناس الذين استخدموا سلطانهم ببراعة لإيذائي والتسبب بإيلامي على مدى السنين وأقول لهم: «شكرًا.. فلا أحمل لكم كرهًا ولا حقدًا.. فقد تعلمت منكم ما لم أكن أعلم».
وبالعودة إلى عنوان المقال «لا تجعل تحديات الحياة تسرق منك أحلامك»، فقد تأثرت كثيرًا بهذه الجملة، التي قالها الملاكم الشهير والأسطورة والفيلسوف الراحل محمد علي كلاي.. فعندما خسر خسارة فادحة أمام الملاكم الشاب جورج فورمان وأصيب خلالها بكسر في فكه وضلوعه، وأصيب في وجهه وجسده إصابة أقعدته في العناية المركزة لمدة شهر كامل.. وطلب منه الأطباء ألا يعود مرة أخرى للملاكمة وإلا ستكون نهايته المحتومة هي الموت، كما أن زوجته ومدربه طلبا منه عدم اللعب مرة أخرى والبعد عن الملاكمة.. لكن محمد علي كلاي كان له رأي آخر. فاعتبر أن الظروف المحيطة به وآراء كل من حوله بالبعد عن الملاكمة سبب لتغيير الواقع، جعلته أكثر إصرارًا على التجربة مرة أخرى والفوز.
وكان “كلاي” ينتظر خروجه بفارغ الصبر من المستشفى والعناية المركزة، ليحقق حلمه، فكان يرى نفسه قبل النوم يوميًّا متوجًا بالفوز على “فورمان”.
مرت الأيام وخرج محمد علي، وبدأ على الفور في التدريب الجسماني والذهني، حتى أصبح في أفضل حالاته، ووافق “فورمان” على مواجهة كلاي مرة أخرى، تم تنظيم المباراة في زائير بإفريقيا. وبعد مباراة شرسة ودامية فاز محمد علي كلاي، واحتفظ بلقب بطل العالم. وعندما قابل وسائل الإعلام العالمية قال محمد علي وهو ينظر إلى الكاميرات مباشرة: «هذه رسالة لك يا من تشاهدني الآن: لا تجعل تحديات الحياة تسرق منك أحلامك، تعلم منها ستجدها أفضل أصدقائك»
الآن أيقنت أن كل ما لاقيناه من ظلم وتشويه وأذى من نظام سابق هي تحديات حياة.. لن نجعلها تسرق أحلامنا.. بل ستزيدنا قوة بإذن الله.
خلاصة القول وسنامه ورأس الحكمة وعصارة تجربة مريرة أيقنت بما لا يدع مجالًا للشك والغضب أن الله سبحانه وتعالى لا يغلق بابًا إلا ويفتح أبوابًا متعددة خيرًا منه، لكن المرء يضيع جهده ووقته في النظر إلى الباب الذي أغلق، بدلًا من باب الأمل الذي فتح على مصراعيه.
قديمًا قالوا إن اليأس خيانة، والاستسلام لدعوات الهزيمة والقعود والمرض من مدعاة الإذعان للشيطان، لكن التمسك بحبل الله والإيمان بأن الوقت لم ينقضِ، وأن الأحلام لم تغرب، لأنه بوسعك بمدد من الله تحطيم المستحيل ما دام في الرئة مُتسع لنفس، وفي القلب مجال لنبضة واحدة.
سنكمل طريقنا، لأن الله في نهايتها ولا نبغي أحدًا غيره.