الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 مـ 09:54 مـ 22 جمادى آخر 1446 هـ
حزب أبناء مصر
رئيس الحزب م. مدحت حسنين بركات

أنور السادات.. بطل الحرب والسلام “عبقرية” حيرت العالم

تحل علينا غدا الأربعاء 6 أكتوبر، الذكرى السادسة والأربعين لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، ذكرى استرداد الأرض والعزة والكرامة، ولا تأتينا المناسبة إلا ومقترنة بذكر اسم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بطل الحرب والسلام، الذي حقق المعجزة في 6 أكتوبر واستشهد في نفس اليوم بعد ثماني سنوات.

نشأة أنور السادات
ولد الرئيس محمد أنور محمد السادات، في 25 ديسمبر 1918، في قرية ميت أبو الكوم التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، في أسرةٍ مكونةٍ من 13 طفلاً، وتلقى تعليمه الأول في كتاب القرية على يد الشيخ عبد الحميد عيسى، ثم انتقل إلى مدرسة الأقباط الابتدائية بطوخ دلكا وحصل منها على الشهادة الابتدائية.

وأشار السادات في كتاباته إلى أنه تأثر كثيرًا في نشأته بجدته ووالدته، حيث كانتا تحكيان له قصصًا غير عادية، لم تكن قصصًا تقليدية عن مآثر الحروب القديمة والمغامرات، بل كانت عن الأبطال المعاصرين ونضالهم من أجل الاستقلال الوطني، مثل قصة دس السم لمصطفى كامل بواسطة البريطانيين الذين أرادوا وضع نهاية للصراع ضد احتلالهم لمصر.

ولم يكن السادات يعرف من هو مصطفى كامل، لكنه تعلم من خلال التكرار أن البريطانيين أشرار ويسمون الناس، ولكن كانت هناك قصة شعبية أثرت فيه بعمق وهي قصة زهران الذي لقب ببطل دنشواى التي تبعد عن ميت أبو الكوم بثلاث أميال، كل ذلك كان له الأثر البالغ في تكوين شخصية البطل أنور السادات.

وفي عام 1935 التحق بالمدرسة الحربية لاستكمال دراساته العليا، وتخرج من الكلية الحربية عام 1938 ضابطا برتبة ملازم ثان، وتم تعيينه في مدينة منقباد جنوب مصر، وقد تأثر في مطلع حياته بعدد من الشخصيات السياسية والشعبية في مصر والعالم.

واعتقل البريطانيون محمد أنور السادات عام 1942، إلا أنه تمكن من الفرار بعد عامين من اعتقاله، وفي عام 1946، اعتُقل السادات مرة ثانيةً، وهذه المرة جاء اعتقاله بعد اتهامه في مقتل الوزير أمين عثمان الموالي للبريطانيين، وفور تبرئته من هذه التهمة، انضم بعد إطلاق سراحه إلى حركة الضباط الأحرار التي تزعمها جمال عبد الناصر، وانخرط في هذه الحركة ضد الملكية المصرية عام 1952.

وبعد مرور أربع سنواتٍ على إسقاط الملكية، ساند عبد الناصر في التربع على سدة الرئاسة، وتقلد عدة مناصب كبرى في الدولة منذ ذلك الحين مثل منصب وزير دولة في سبتمر 1954، ورئيسًا لمجلس الأمة من 21-7-1960 إلى 27-9-1961، ورئيسًا لمجلس للأمة للفترة الثانية من 29-3-1964 إلى 12-11-1968، كما اختاره جمال عبد الناصر نائبًا له حتى وفاته يوم 28 سبتمبر 1970.

حرب أكتوبر 1973

ورث أنور السادات تركة ثقيلة عن صديق العمر والكفاح الزعيم جمال عبد الناصر، تتمثل في احتلال إسرائيل لسيناء، فكانت همه البالغ وشغله الشاغل وقضيته الحتمية، لا بد من تحرير الأرض وحفظ العرض وعودة الكرامة بعد سنوات الذل والمهانة.

اتخذ الرئيس محمد أنور السادات، قرارًا من أشجع قرارات تاريخ مصر الحديث، وهو قرار الحرب على إسرائيل لتحرير أرض سيناء، وهو قرار كان يحمل مخاطر كبيره ضده كشخص، فحتي يوم 6 اكتوبر لم يكن للسادات الحب الجماهيري أو الشعبية التي كان يحظى بها الرئيس جمال عبد الناصر، ولو لم تسر الأمور في صالح القوات المصرية لما تواني الشعب المصري على التظاهر ضد السادات وربما خلعه من الحكم أو قتله.

ونجد السادات في مذكراته يشير في سطور كثيرة تعكس مدى ثقته الشخصية في القوات المسلحة وفي تسجيلات المجموعة 73 مؤرخين مع أبطال حرب أكتوبر يذكر الكثيرون منهم لقاءاتهم الكثيرة مع السادات ومدي ثقته الشخصية في جنود وضباط القوات المسلحة المصرية ومدة رغبته القويه في مسح عار هزيمه 67 واقتناص ولو موطئ قدم (شبر واحد) من سيناء لكي يمكنه التفاوض عليه.

عبقرية السادات
حيّر السادات بعبقريته أعتى أجهزة المخابرات في العالم، وعلى رأسهم المخابرات الأمريكية، والموساد الإسرائيلي، والكي جي بي، فلم تتوقع أيٍ من هذه الأجهزة قرار الثعلب بالحرب أبدًا في ذلك التاريخ، بل إنها اعتبرت أن خوضه الحرب “حماقة كبرى” و”انتحار سياسي” بكل المقاييس.

عبقرية السادات في حرب أكتوبر تجلت في العديد من القرارات، أبرزها على سبيل المثال لا الحصر؛ قيامه بمناورتين للجيش المصري وإعلان التعبئة العامة قبل الموعد المحدد للحرب مما كلف اسرائيل أموالاً طائلة، وعندما حدثت المناورة الثالثة تجاهلتها فكانت الحرب.

وظهرت عبقرية بطل أكتوبر أيضًا في توصيل رسالة لإسرائيل عبر العميل المزدوج أشرف مروان الشهير بـ “بابل” بأن موعد الحرب آخر نهار 6 أكتوبر، وبالفعل نجح مروان في إبلاغ المعلومة إلى رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية “إيلي زاعيرا” في لندن، ووصلت المعلومة بالفعل إلى مدير مكتب “جولدا مائير” رئيسة وزراء إسرائيل، إلا أن الأوان قد فات للتحرك لأن الحرب بدأت فعلاً يوم 6 أكتوبر في الثانية ظهراً وليس السادسة مساء كما علمت تل أبيب.

وشملت خطة الخداع الاستراتيجي التي اتبعها السادات في الحرب، نشره خبرًا بالأهرام الصفحة الأولى عن توجه قادة أسلحة الجيش المصري بالعمرة في السعودية قبل الحرب بأيام قليلة، وتلقى الموساد الخبر واعتبره إعلانًا مؤكدًا عن استبعاد الحرب.

ويذكر للسادات إدارته للحرب بنفسه في غرفة العمليات باعتباره عسكريًا عتيدًا، ولم يترك الأمر لوزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة أفرع القوات المسلحة، وبالتالي لم يكرر خطأ عبد الناصر في حرب 1967 حين ترك الأمر للمشير عبد الحكيم عامر وزير الدفاع الذي أصدر أوامره بانسحاب القوات المسلحة من سيناء بعد ضربة الطيران الشهيرة، وكانت النتيجة كارثية بكل المقاييس، وبالتالي أدار السادات الحرب بنفسه وأوقفها بعد صدور قرار مجلس الأمن بإيقاف الحرب لأنه وجد أن الحرب حققت أغراضها.

عبقرية السادات لم تنته عند الحرب، بل ظل ذكاءه ودهاءه هو حديث العالم بما فيه إسرائيل حتى الآن، فقدرة الرئيس السادات فى اختراق العقلية الإسرائيلية لم تكن فى الحرب فقط وإنما فى السلام أيضا، فعندما وصلت طائرة الرئاسة المصرية لمطار بن جوريون عام 1977، كانت أجهزة الأمن الإسرائيلية تخشى أن تكون مجرد فخ لاستهداف قادة وقلب إسرائيل بهجوم فدائي.