«شغف القراءة».. خلاصة عشق الكتب في كبسولة
أشرف توفيقهذا كتاب مختلف، ولكنه يهمك بشدة عزيزى القارئ, فإذا كنت متابعا للمقالات الثقافية وعرضها للكتب، كما تفعل الآن، فأنت بالضرورة محب للثقافة والقراءة والكتب، ومادمت كذلك فسيدهشك بالتأكيد كتاب «شغف القراءة» للكاتب «إيهاب الملاح» الصادر حديثا عن دار «الرواق»، بغلاف رائع للفنان «كريم آدم»، بل إنه سيكون رفيقك الدائم فى عالم الحروف والكتابة.منذ أن استطاع الإنسان أن يخط أفكاره وإبداعه وتاريخه، وأن يعرض كل هذا على الناس حتى الآن، وملايين الكتب والمخطوطات قد خرجت إلى النور، فى كل فروع المعرفة، ولكن تبقى الأسئلة الشائعة لكل من تناديه نداهة القراءة: من أين أبدأ؟ وماذا أقرأ؟ وكيف أقرأ؟.وهذا هو ما تصدى له إيهاب الملاح فى كتابه، فالكتاب لا يتحدث عن أهمية القراءة، ولا فضل الثقافة على البشرية، ولا دورها فى تأسيس أى حضارة، وإنما يعرض بأسلوب بسيط الخطوات الأولى لكل من يريد أن يدخل هذا العالم السحرى.ورغم الثقافة الموسوعية لمؤلفه إلا أنه كان حريصا على أن يأخذ بيد المبتدئ بتواضع واضح، واحترام شديد لشغف البدايات والبحث عن المعرفة.فى هذا الكتاب سنعرف كيف كان الكبار يقرأون، وكيف كان العقاد ومحفوظ وزكى نجيب محمود ومانغويل وشادى عبدالسلام يختارون كتبهم. سنعرف تاريخ سلسلة «اقرأ» التى أصدرتها قديما دار المعارف العريقة، وسنعرف أيضا تاريخ دار المعارف نفسها، وأهم الكتب التى صدرت عنها بأقلام أعظم كتاب مصر. سنتعرف بكلمات موجزة على قامات عظيمة فى فنون الكتابة مثل سهير القلماوى ومانغويل وفؤاد زكريا.سنكتشف الفوائد العظيمة للمسابقات الأدبية التى كانت سمة مميزة فى تاريخنا قبل نصف قرن. وسنقرأ وصية نجيب محفوظ للكتاب الجدد لنلاحظ أنها نصيحة عابرة للزمان. سنتابع القصة الكاملة لطبعات الكتاب المعجز «ألف ليلة وليلة»، وأقلام التأديب والتهذيب والإصلاح التى وضعت عليه بصمتها، وكذلك كتاب «الأغانى» بما له من واسع الشهرة فى الأدب العربى. ويغوص بنا الكتاب فى بحار النقد فنتابع منجزات نقدية عملاقة لكبار من أمثال محمد مندور وشكرى عياد. وفى النهاية لا ينتهى الكتاب إلا وقد طاف بتراثنا الثقافى، وكيف تعاملت المؤسسات الثقافية العربية مع هذا التراث، وكأنه يؤكد أن الثقافة التى ضربت جذورها الأرض منذ آلاف السنين ستظل تلقى بظلال أوراقها النضرة على هذه الشعوب مهما حدث من تطورات فى كافة مناحى الحياة.وهذا الكتاب لا يحدثنا عن القراءة فقط، بل إننى أعتبره محفزا عظيما لقراءات أخرى، فكل فقرة فيه ستطلعك على عوالم أخرى ربما لم تعرفها من قبل، سواء أكانت هذه العوالم أسماء لكتب، أو لمؤلفين، أو لمؤسسات ثقافية.ولذا، فإننى أعتقد أن كتاب «شغف القراءة» لن ينتهى بمجرد وصولك إلى «الفهرس»، بل إنه بوابة للبحث، والتعرف على كتب ومبدعين تاهت بوصلتك عنهم فى غمرة زخم الإبداع الثقافى العالمى.