مدحت بركات يكتب: تأديب الصحف
إنك ستواجه في حياتك حربا ضارية لا هوادة فيها من التحطيم المدروس المقصود ومن الإهانة المتعمدة ما دمت تعطى وتبنى وتؤثر وتسطع وتلمع ولن يسكت عنك الحاقدون حتى تتخذ نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتفر منهم أما وانت بينهم فانتظر منهم ما يبكي عينك ويدميها، إن الجالس على الأرض لا يسقط والناس لا برفسون كلبا مينا، فهم يغضبون يب عليك لأنك فقتهم صلاحا أو علما أو أدبا أو مالا فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم الله عليك وتبقى بليدا غبيا.. صفرا محطما فهذا ما يريدونه بالضبط. إذا قاصمد الكلام هؤلاء ومؤامراتهم وتحقيرهم واثبت أحد.. أحده وكن كالصخرة الصامتة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتثبت وجودها وقدرتها على البقاء... فإنك إن التفت المؤامرات وكلام هؤلاء وتفاعلت به حققت امنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكدير عمرك، ولاتك في ضيق مما يمكرون، إن مؤامراتهم السخيفة ترجمة محترمة. لك فبقدر وزنك يكون النقد والمؤامرات المفتعلة.. إنك لا تستطيع ان تعتقل الألسنة أو توقف المؤامرات ولكنك تستطيع أن تدفنها بإهمالك لشأنهم "قل موتوا بغيظكم" وإذا كنت تريد أن تكون مقبولا لدى الجميع محبوبا لدى الكل سليما من العيوب عند العالم فقد طلبت المستحيل هل تـأديب الصـحف هو قـصة جـديدة أم قديمة؟ عــلى الــعــمــوم ســـواء هــذا أو ذاك فــنــحن هــذه الأيــام نشـاهد هـذه الـظاهـرة على الـواقع، فقـد أصبح الـوزير أو المــســـئــول الــفــاشل الــذى تـــقــوم الجــريــدة بــنــشــر تجاوزاته يـقـوم بالـبحث عن الـقـائمـة علـيـها وعـما إذا كان لـهم مـشـروعـات أو أعـمال أو مـصـالح مـعـيـنة فى محيط عمله أم لا؟.
ويــا حـبـذا لـو كــان الـقـائم عـلـى هـذه الجـريـدة رجل أعــمــال وله اســتـثــمــارات فى مــحــيط وزارته «قــول يـا رحمن يـا رحيم عليه» علشان يـبقى مؤدب ويبطل نشر الــتـجــاوزات فى جـريــدته وأنـا أنــصح رجــال الأعـمـال القـائمين علـى إنشاء الصـحف أن يتركوا مـشروعاتهم ولا يـفكـروا فى الـعـمل الاسـتثـمـارى إذا أرادوا الـعمل فى الـصــحــافـة، فــأنـا أبــشــرهم بـإزالــة مــشـروعــاتـهم وتــدمـيـرهـا إن نــشـروا تجـاوزا ضــد أى مـسـئـول، لأن الـوزيـر الـيـوم والمسـئـول الـكـبيـر فى حـصـانـة تـامة فلا يــوجــد من يــحــاســبه والــوزيــر لا يــهــمه أن يــبــقى فى الــوزارة أم لا فــقــد حــقـق مــا أراد.. والــدنــيــا فــوضى فأصـبـحـوا يتـجـاوزون نـهـارا جهـارا أمـام الجـميع ولا يـهـمـهم رئـيس دولـة ولا رئـيس وزراء ولا حـتى الـناس، لـذلك لا تــسـتـعـجب قـيـام المـظــاهـرات من جـمـيع فـئـات المجتمع المصري وهـذه المـقدمـة طـبعـا لـيست من واقع الخـيال، ولكـن لها أصـل وهو «تأديـب جريدة الـطريق» والقـصة هنـا بطلاهـا هما وزيـر الزراعة والـبطل الآخر هى إحـدى مديـريات الأمن، ونـحن نـتوجه بـهذه الحـالة إلى السـيد رئـيس الجمـهوريـة والسـيد الـلواء/ حـبيب العادلى وزير الداخلية. فــالــبــطل الأول هــو وزيــر الــزراعـة الذى فعل كل شىء سيئ منذ توليه الـوزارة فلا نجد له حـسنـة واحدة, فـمـنـذ تـولى الـوزارة ونـحن نـعيش أتعس أيامنا فى مشاكلنا الزراعية فـهو يـديـر أهم وزارة وأقوى وزارة فى مـصــر وهى الـتى تحـدث عـنـهـا الـــــــوزيـــــــر فـى أحـــــــد الحــــــوارات الــتــلـيــفـزيــونـيــة فى بــدايـة تــولـيه الــوزارة ووصـــفــهــا بـــأنــهــا وزارة ثـانـويـة ولـيـست أسـاسـيـة ودورها اسـتـشـارى فقط.؟!!! تـعـالـوا نـشوف ما نتج عن أفكاره.
- مشاكل فى زراعة القطن وتصديره.
- مشاكل فى توزيع الأسمدة. فالسماد مثل الخبز
للإنسان.
- رجوع المبيدات المسرطنة.
- إيقاف استصلاح الأراضى.
- مشكلة زراعة القمح وطوابير الخبز.
فـقــد هـاجــمـته كل الــصـحف الحــكـومــيـة والحــزبـيـة والمـعــارضـة، وأكـدوا جــمـيـعـا أنـه غـيـر صـالـح لـيـكـون وزيرا ويذهب بالبلاد إلى مجاعة حقا.
وكــانت جــريــدة «الـطــريق» من أول الــصــحـف الــتى شـــعــرت بــفـــشــله وبـدأت نشـر تجـاوزاته وحذرت من اسـتـمـراره، وبـعـد أن شـعرت بـاقى الـصحف بخـطورة المـوقف ونشرت تجــاوزات هـذه الــوزارة وفــشـلــهـا، اتجه الوزير إلى البرامج الحوارية الـتــلـيــفـزيــونـيــة حـتى يــحـسن من صورته أمام الرأى العام.
وليته ما فــعل ذلك، فــقـد أكــد لـنــا بـالــصـوتوالـصورة أنه لا يـصلح فـعلا. المهم أن الوزيـر لم يـنس حـملات جـريدة «الطـريق» ضده فـبـحث وعلم بـأحد مشـروعاتـنا الـتابـعة لـوزارته وقرر الانــتــقــام وأصــدر قــرار إزالــة دون وجه حق لـلـمشـروع لـلمـرة الـثالـثة عـــــلى الــــتـــــوالى، بــــالـــــرغم من أن المــشـروع لا تــنـقــصه ورقــة واحـدة ويـتحـدى ويـعـلن أمـام الجـميع أنه سيعلم جريدة «الطريق» الأدب!! عـلى الــعـمـوم هـو وزيـر والـدولـة أعـطـته ورقـة وقـلـمـا وسلـطة يفـعل ما يـشاء ومن حقه يـزيل ويكسـر ويشيل مــادام مـــافــيش حـــد بــيــحــاســـبه ويــقــولـه كــده غــلط.. والـصـحـافـة بـتـتكـلم وتـقـول وتـنـشـر ولا حـد يـسـمـعـها فالـفـوضى اجـتاحـت البلاد واقـرأ أيـهـا الوزيـر مـقـدمة مقـالـنـا واعـلم "إن الـله اشتـرى من المؤمنين أمـوالهم وأنفسهم بأن لهم الجنة".
والـــبــطل الـــثــانـى فى الــقـــصــة هى إحـدى مديـريـات الأمن الـتى نـحـترم ونثق فى مـدير أمـنـها الـتى تحركت بـاتـصال تـلـيـفونى مـن السـيـد وزير الزراعـة لـسـرعـة تـنـفـيـذ الـقرار دون إخـطارنـا به، ومـا يـزيد الأمـر غـرابة حــجـــة مـــديـــريــة الأمـن فى ســـرعــة الــتــنــفــيـذ أنــهــا هى الأخــرى تــريـد تــأديـب الجــريــدة لأنــهــا دأبت عــلى مهاجمة وزارة الداخلية!! ومــازال الــبـحث مــســتـمــرا لإصـدار القرار النهائى، ولكن أعلم أن السيد وزير الـداخـلـيـة قـالـهـا صـريـحة فى جــمــيع حـــواراته أنه يــقــبل الــنــقــد والمراجعة لمعرفة أخطاء رجاله وهو أكبر من أن يعـاقب جريدة على نشر تجـاوزات رجـالـه، لأنه يـعـلم أهـمـيـة الــصــحــافــة ودورهــا فى المجتمع، وأعــتــقــد أن هـذه المــديــريــة أسـاءت للوزير والـوزارة وعلى العموم نحن ننتـظر البطل الحقـيقى الذى نتمنى أن يصحح أخطاء البطلين.
وأخــيـرا اعـمل الخـيــرلـوجه الـله لأنك الــفـائـز عـلـى كل حـال.
ثم لا يـضـرك أذى مـن أذاك ولا جـحـود من جـحـدك واحـمـد الــله لأنك المحــسن وهـو المــسىء والــيـد العليا خير من اليد السفلى «وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.